فَهِبْنَاهُم، فنادى مناديهم أَنْ: لا روعَ عليكم، اثبتوا؛ فإِنَّا جئْنا نشهدُه معكم، فكان ابن حبيش يقول: هم ملائكةُ الله (?).
وأمَّا الرَّاوي عنه مولاه حُمرانُ بنُ أَبانَ، فهو مدنيٌّ قُرَشيٌّ أُمَوِيٌّ مولاهم، كان من سبي عينِ التَّمر، كان للمسيب بن نجيد، فابتاعه عثمان، وأدرك أبا بكرٍ وعمرَ، وسمع -أيضًا- عبدَ الله بنَ عمرٍو، ومعاويةَ بنَ أبي سفيانَ، فهو تابعيٌّ ثقة، احتجّا به في "الصّحيحين"، وكان كثيرَ الحديث، وقولُ ابن سعدٍ: لم أَرَهُم يحتجُّون بحديثه، غيرُ صحيح، وهو بضم الحاء - والله أعلم - (?).
وأمَّا قوله: "دَعَا بِوَضُوءٍ": هو بفتح الواو، وهو الماء، وبالضم اسم لفعل الوُضوء، وقيلَ: بالفتحِ فيهما، وهو قليل، وحُكي ضمُّها، وهو شاذٌّ (?)، وذكر بعض أصحاب مذهب مالك أَنَّه هل هو اسم لمطلق الماء، أو لما يفيد الوضوء به، أو إعداده له؟.
قال: فيه نظرٌ يحتاج إلى كشفٍ وبيانٍ تنبني عليه مسألة الماء المستعمل لمن استدلَّ بحديث جابر على طهوريته حيث صبَّ عليه - صلى الله عليه وسلم - من وضوئه، ولا يلزم ذلك؛ للإجماع على طهارة المستعمل في فرض الطَّهارة، فكيف بنفلها؟ وما نقل عن أبي حنيفة؛ من نجاسته، ثبت عنه رجوعه عنه، هذا إذا سلَّمْنَا أَن الَّذي صبَّ عليه كان مستعملًا في طهارته، واستعمالهُ للتبريك