قلت: وإن أريد بسرر شهر شعبان أوله، على ما ذكره بعضهم أن سرر الشهر: أوله، فلا تعارض بين الحديثين -أيضًا-، والله أعلم.
* * *
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا -، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقُولُ: "إذَا رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا، وَإذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا، فَإنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ، فَأَقْدُرُوا لَهُ" (?).
قوله: "فإن غُمَّ عليكم" معناه: حالَ بينكم وبينه غيمٌ، يقال: غُمَّ وأُغْمِيَ وغُمِّي وغُمِيَ -بتشديد الميم وتخفيفها، والغين مضمومة فيهما-، ويقال: غَبِي -بفتح الغين وكسر الباء-، وكلها لغات صحيحة، وقد غامت السماء وغَيَّمت وأَغامت وتَغيَّمت وأغتمت (?).
وقوله: "فاقدروا له" قال أهل اللغة: يقال: قدرتُ الشيء أقدُرُه وأقدِرُه وقَدَرْته وأقدرْتُه بمعنى واحد، وهو من التقدير (?)، ومنه قوله تعالى: {فَقَدَرنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ} [المرسلات:23]، واختلف العلماء في معناه في الحديث، فقال مالك، وأبو حنيفة، والشافعي، وجمهور السلف والخلف: معناه: قدروا له تمام العدد ثلاثين يومًا، وتؤيده الروايات: "فعدوا ثلاثين"، "فاقدروا ثلاثين"، "فصوموا ثلاثين يومًا"، "فأكملوا العدد"، كل ذلك في "صحيح مسلم" (?)، وفي رواية