شفعوا فيه" (?)، فقد أعلمنا أن ذلك يكون من غيره.

الرابع: أنه كان يلزم منه ألَّا يصلي على ميت بعده - صلى الله عليه وسلم -؛ لإمكان الخصوصية فيمن صلى عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهذا باطل، فإن قيل: الخصوصية في جواز صلاته - صلى الله عليه وسلم - على القبر إنما كانت لكونه ولي المؤمنين وواليهم، فيختص جواز الصلاة على القبر بالوالي والولي إذا لم يصليا على الميت، فالجواب أن هذا المذكور خارج عن محل الخلاف، كيف وقد صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيره من أصحابه معه على القبر ولم ينكر عليه؟! لكن هذا يحتاج إلى نقل من حديث آخر ليس في هذا الحديث ذكرٌ له.

وفيه: بيان ما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - من التواضع والرفق بأمته، وتفقد أحوالهم والقيام بحقوقهم في الحياة والموت، والاهتمام بمصالح آخرتهم ودنياهم.

وفيه: دليل على أن التكبير في الصلاة على الميت أربع، قال ابن عبد البر: وانعقد الإجماع بعد الاختلاف على الأربع، وما سواه شذوذ لا يلتفت إليه، قال: ولا نعلم أحدًا من فقهاء الأمصار يخمِّس إلا ابن [أبي] ليلى، والله أعلم.

واعلم أنه لم يذكر في هذه الأحاديث ما يقرأ في صلاة الجنازة، وقد اختلف العلماء في قراءة الفاتحة فيها، فذهب مالك -في المشهور عنه- وأبو حنيفة، والثوري إلى عدم قراءتها، وكأنهم تمسكوا بظاهر ما خرجه أبو داود من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا صَلَّيتم على الميتِ، فأَخْلِصوا له الدعاءَ" (?)، وبأن مقصود هذه الصلاة إنما هو الدعاءُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015