سَقاه الله وأسقاه؛ أي: جعل له سُقيا، على لغة من فرق بينهما، والصواب أن الهمزة فيه للتعدية كما ذكرنا، والله أعلم (?).

قوله: "فرفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يديه، وقال: اللهمَّ أَغثْنا" إلى آخره: لا شك أن السنة في دعاء الاستسقاء رفعُ اليدين فيه، وقد عداه بعضُهم إلى كل دعاء، وقالوا: السنةُ رفعُ اليدين في الدعاء مطلقًا، ومنهم من لم يعده، مستدلًا بما رواه البخاري ومسلم في "صحيحيهما"، وغيرهما عن أنس - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء حتي يُرى بياض إبطيه (?)، ولا شك أن هذا مؤول على عدم الرفع البليغ؛ بحيث يُرى بياض إبطيه إلا في الاستسقاء، أو أن المراد: لم أره رفع، وقد رآه غيره، فيقدم المثبتون في مواضع كثيرة، وهم جماعات، على واحد لم يحضر ذلك، وقد ورد في حديث آخر أنه: استثنى ثلاثة مواضع: الاستسقاء، والاستنصار، وعند رؤية البيت، وفي موضع آخر عشية عرفة.

وقد روى رفعَ اليدين في الدعاء جماعةٌ من الصحابة، وقد روى أنس حديثًا يعارض حديثَه هذا، وهو حديث القراء الذين بعثهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاله حَرامٌ، وفيه: فقال أنس: لقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلما صلي الغداه رفع يديه يدعو عليهم (?)، وقد صنف الحافظ أبو محمد عبد العظيم المنذري في ذلك جزءًا -رحمه الله-، وقد جمع شيخنا أبو زكريا النواوي -قدس الله روحه ونور ضريحه- في "شرح المهذب" نحوًا من ثلاثين حديثًا من "الصحيحين"، أو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015