الشافعية أنه يطوله بقدر مئة آية، وذكر غيرهم أنه لا يطوله إلا بما لا يضر بمن خلفه.

ومنها: أن القيام الثاني يكون دون القيام الأول، وهو سنة هذه الصلاة، وهو مناسب لحكم الركعة الثانية في غيرها من الصلوات عند المحققين من العلماء أن يكون أقصر من الأولى، وكان السبب فيه أن النشاط في الركعة الأولى يكون أكثر، فناسب التخفيف في الثانية حذرًا من الملال.

واعلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اعتبر خلاف معنى هذه المناسبة في قيام الليل، فقالَ - صلى الله عليه وسلم -: "إذا قامَ أحدُكم من الليل، فليصلّ رَكعتينِ خفيفتين، ثم لْيُطَوّلْ ما شاء" (?)، وكانت المناسبة في ذلك استدراج النفس من التخفيف إلى حلاوة التثقيل، وهو التطويل، وكذلك ذكر العلماء مناسبة شرعية السنن الراتبة قبل الصلوات، وكذلك إذا اعتبرتَ مناسبةَ التنزيل للكتاب العزيز، وشرعية الأحكام وتكثيرها، فإنك تجدُها متدرجة من التخفيف والتقليل إلى التثقيل والتكثير؛ ليكونا أثبتَ وأبعدَ من الملال فيهما، ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "خُذُوا من العملِ ما تُطيقون الدوامَ عليه" (?) الحديث، والله أعلم.

واعلم أن الفقهاء اتفقوا على القراءة في هذا القيام الثاني؛ أعني: الذين قالوا به، وجمهورهم، على قراءة الفاتحة، وقالوا: لا تصح الصلاة إلا بقراءتها فيه، وقال محمد بن مسلمة من المالكية: لا تقرأ الفاتحة في القيام الثاني، وكأنه رآها ركعة واحدة زيد فيها ركوع، والركعة الواحدة لا تثنى فيها الفاتحة، فهذا يمكن أن يؤخذ من الحديث كما ذكرنا في قول عائشة: واستكمل أربع ركعات في أربع سجدات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015