وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من صلَّى صلاتَنا ونسكَ نسكَنا"، فلا شك أن أصل النسك في اللغة من النسيكة، وهي البقرة المدل المصفاة من كل خلط، والمراد بها هنا الذبيحة أضحية، وقد استعمل فيها كثيرًا، واستعمله بعض الفقهاء في نوع خاص من الدماء المراقة في الحج، وقد يستعمل فيما هو أعم من ذلك من العبادات، ومنه يقال: فلان ناسك؛ أي: متعبد، ومعناه: مخلص عبادته لله تعالى. ثم قوله: "صلى صلاتنا ونسك نسكنا"؛ أي: مثلَ صلاتنا ومثلَ نسكنا.

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فقد أصابَ النسكَ"؛ أي: فقد أصاب مشروعية النسك وما قارب ذلك.

وقوله: "ومن نسكَ قبلَ الصلاة، فلا نسكَ له" معناه: لا يقع مجزئًا عن الأضحية، وظاهر اللفظ أن المراد منه قبل فعل الصلاة، ولم يتعرض لذكر الخطبتين، وهما معتبران عند الشافعي؛ لكونهما مقصودتين مع الصلاة، فإن وقت الأضحية لا يدخل إلا بمقدار الصلاة والخطبتين عنده.

وقوله: "شاتُك شاةُ لحم"؛ أي: ليست ضحية، ولا ثوابَ فيها، بل هو لحم لك تنتفع به، كما في رواية أخرى: "إنما هو لحمٌ قَدَّمْتَهُ لأهلِكَ" (?).

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ولنْ تَجْزِيَ عن أحدٍ بعدَكَ" هو بفتح التاء المثناة فوق، ومعناه لن تقضي، يقال: جزى عَنِّي كذا؛ أي: قضى؛ أي: إن الذي فعله من الذبح قبل الصلاة لم يقع نسكًا، فالذي يأتي بعده لا يكون قضاء عنه، وهذا الذي ضبطناه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015