والأنبجاني -بفتح الهمزة وكسرها، وبفتح الباء الموحدة منه، وتكسر، وأما الياء المثناة تحت آخره، فهي مشددة ومخففة-، قال ابن قتيبة: إنما هو منبجاني، ولا يقال: أنبجاني، منسوب إلى مَنْبِج، وفتحت الياء في النسب؛ لأنه خرج يخرج مخيراني، وهو قول الأصمعي، لكنه ليس بظاهر؛ فإن النسب إلى منبج منبجي.
وأما قوله في الحديث: "وأْتوني بأنبجانيةِ أبي جهم" فروي بتشديد الياء المثناة والتأنيث على الإضافة، وعلى التذكير من غير ذكر أبي جهم ثانيًا، قال المصنف - رحمه الله -: هو كساء غليظ، وقال غيره: هو كساء غليظ لا علم له، فإذا كان له علم، فهو الخميصة، وإن لم يكن له، فهو أنبجانية، وقال ثعلب: هو كل ما كثف، وقال الداودي: هو كساء غليظ بين الكساء والعباء، وقال القاضي أبو عبد الله المازري: هو كساء سداه قطن أو كتان ولحمته صوف (?).
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فإنها ألهتني عن صلاتي" معناه: أنها شغلت قلبي عن كمال الحضور في الصلاة وتدبر أذكارها وتلاوتها ومقاصدها من الانقياد والخضوع، وبعثهُ - صلى الله عليه وسلم - بالخميصة إلى أبي جهم وطلبُ أنبجانيه من باب الإدلال عليه؛ لعلمه بأنه يؤثر ذلك ويفرح به، ولا يلزم من بعثها إليه أن أبا جهم يصلي فيها، فإن حلَّة عطارد بعث بها النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى عمر - رضي الله عنه -، وقال: "لم أبعثْ بها إليكَ لتلبَسها" (?)، وفي رواية: "لم أَكسُكَها لتلبسَها" (?)، والله أعلم.