فَضْلِهِ} [النساء: 32] وقوله - صلى الله عليه وسلم - لابن عباس: "إذا سألتَ فاسألِ الله" (?)، وهو مطلق، كثيره وقليله، ففي القليل من سؤال الناس لبعضهم، وفي حديث رواه أبو داود: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لبعض من سأله عن المسألة مرارًا، قال له في الثالثة: "فإنْ كنتَ لا بدَّ سائلًا، فاسألِ الصالحين" (?)، وإذا ثبت بعض سؤال بعض الناس، فلا شك أن بعضه ممنوع حيث يكون السائل غنيًّا لاحاجة به إلى ما سأل، ويُظهر الحاجة، وهو في الباطن بخلافها، أو يخبر السائل عن أمر هو كاذب فيه، وفي السنة ما يشهد باعتبار ظاهر الحال في هذا، وهو ما ثبت أن رجلًا من أهل الصُّفة مات وترك دينارين، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كَيَّتان" (?)، وإنما كان ذلك -والله أعلم- لأنهم كانوا فقراء مجردين يتصدَّق عليهم، ويأخذون بناء على الفقر والعدم، وظهر معه هذان الديناران على خلاف ظاهر حاله.
والمنقول عن مذهب الشافعي جوازُ السؤال، لكن ذكر العلماء من أصحابه وغيرهم له شروطًا، وهي أنه لا يلحُّ في السؤال، ولا يذلُّ نفسه ذلًّا زائدًا على ذل نفس السؤال، ولا يؤذي المسؤول، ثم ينظر في السؤال، إن كان في صورة لا يحرم من العلم أو المال، فإن كان في صورة تقتضي، "المنع منه تنزيهًا، فينبغي الامتناع من قليله وكثيره، لوان لم يقتض المنع منه، حمل النهي على الكثير من السؤال المباح دون قليله؛ لأن كراهتها في الكثير أشد، وليس في الحديث ما يدل إلا على الكثرة فقط، أو يحمل الحديث على السؤال عن كثرة السؤال عن المسائل المتعلقة بالدين، الحاملة على التنطُّع والتدقيق والتضييق فيه.