"لا وتران في ليلة" رواه أبو داود، والنسائي، والترمذي، وقال: حسن، وابن خزيمة في "صحيحه" (?)، فيلزم من الأمر بجعله آخر الصلاة، ومن قوله: "لا وتران في ليلة" يشفع الوتر الأول، وإن لم يشفعه، أعاد الوترين في ليلة، وإن لم يعد الوتر، لم يكن آخر صلاة الليل وترًا، ومن قال: لا يشفع ولا يعيد الوتر، منع أن ينعطف حكم صلاة على أخرى بعد السلام والحديث، وطول الفصل إن وقع ذلك، فإذا لم يجتمعا، والحقيقة أنهما وتران، ولا وتران في ليلة، فامتنع الشفع، وامتنع إعادة الوتر أخيرًا، ولم يبق إلا مخالفة ظاهر قوله - صلى الله عليه وسلم -: "اجعلوا آخرَ صلاتكم بالليل وترًا"، وهو محمول على الاستحباب، كما أن الأمر بأصل الوتر كذلك، وترك المستحب أولى من ارتكاب المكروه، ومن قال بإعادة الوتر، فهو -أيضًا- مانع من شفع الوتر الأول محافظة على قوله - صلى الله عليه وسلم -: "اجعلوا آخرَ صلاتكم بالليل وترًا"، ويحتاج إلى الاعتذار عن قوله: "لا وتران في ليلة"، وقد ينبني الكلام في ذلك على مسألة، وهي أن التنفل بركعة فردة هل يشرع في غير المنصوص عليه؟ وفيه خلاف، فليتأمل ذلك.
وقد رتب الشافعي -رحمه الله تعالى- على هذا المعنى مسألة، وهي أنه لو نذر صلاة، هل يلزمه ركعتان، أو ركعة؟ إن نظرنا إلى واجب الشرع فيه، وهو الصحيح، لزمه ركعتان، وإن نظرنا إلى جائزه، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الوتر ركعة من آخر الليل" (?)، لزمه ركعة، والله أعلم.
وأبو حنيفة - رحمه الله - يخالف في أن الوتر ركعة، وفي أنه لا يجوز التنفل بركعة، قال: إنه ليس في الفرائض صلاة ركعة، فلتكن النوافل كذلك، لكن