ذلك مِن الأوتار؛ ومذهب الشَّافعي أنه فيما زاد على الثلاث مستحب، قال أصحاب الشَّافعي: إن حصل الإنقاء بثلاث، فلا زيادة، وإن لم يحصل، وجبت، ثمَّ إن حصل بوتر، فلا زيادة، وإن حصل بشفع؛ كأربع أو ست، استحب الإيتار.
وقال بعض أصحابنا: يجب الإيتار مطلقا؛ لظاهر هذا الحديث، وحجة الجمهور الحديث الصَّحيح في السُّنن: أَن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيوترْ، مَنْ فَعَلَ، فَقَدْ أَحْسَنَ، وَمَنْ لا، فَلا حَرَجَ" (?) حملًا له على ما زاد على الثلاث، وجمعًا بينه وبين حديث نهيه صلى الله عليه وسلم عن أَنْ يستنجيَ بأقل من ثلاثة أحجار (?)، والله أعلم.
وفيه دليل على أَنَّ شرعيةَ غسل اليدين وكراهةَ غمسهما في الإناء قبل غسلهما في الوضوء ليس مختصًّا بنوم الليل، بل لا فرق فيه بين نوم اللَّيل والنَّهار؛ لإطلاقه صلى الله عليه وسلم النومَ من غير تقييد.
وقال أحمد: يختص بنوم اللَّيل دون النَّهار؛ بقوله صلى الله عليه وسلم: "أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ"، والمبيت لا يكون إلا باللَّيل، وقد صح أيضًا مقيدًا بالليل، فقال صلى الله عليه وسلم: "إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ"، رواه البخاريُّ ومسلم وأبو داود (?)، وعنه رواية أخرى: أَن كراهةَ الغمس إن كان من نومِ اللَّيل فهي للتحريم، وإن كان في النهار، فهي للتنزيه، لكنَّه محمول على الغالب، لا للتقييد، كيف وقد علَّل صلى الله عليه وسلم بأمر يقتضي