وقد منع بعض العلماء قول: العشاء الآخرة، قال: لأنه يقتضي أن يكون ثمَّ عِشاءٌ أولى، وقد نُهي عن تسمية المغرب عشاءً، وهذا غلط مردود بما ثبت في "صحيح مسلم": أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أَيُّما امرأةٍ أصابَتْ بَخُورًا، فلا تشهدْ معنا العشاءَ الآخِرَةَ" (?)، وقد ثبت ذلك من كلام جماعة من الصحابة؛ لحديث جابر هذا وغيره، والله أعلم.

وأما صلاة معاذ - رضي الله عنه - صلاةَ العشاء مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم يصليها بقومه، فاعلم أنه ينبغي أن يقرر أولًا أن فرض معاذ - رضي الله عنه - في هذه الصلاة كانت الأولى، وهي صلاته مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لوجوه:

أحدها: أنه روى الدارقطني في بعض طرق هذا الحديث فيمن صلى وفعل فعلَ معاذٍ: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "فهيَ لهم فَريضةٌ وله تَطَوُّعٌ" (?)، وعللها بعض المالكية بأنها رواية شديدة الضعف، وعلى تقدير ثبوتها، فهي مدرجة، ليست من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -، بل من كلام ابن جريج، أو من روى عنه، أو من قول جابر؛ لأن ابن عيينة رواه، وليس فيه هذه اللفظة التي ذكرها ابن جريج، ولا شك أن الدارقطني إمام جليل لم يذكر شيئًا من ذلك، وهو أخبر، وأعلم بالحديث، فلو كان ثم شيء مما ذكره هذا المالكي المعلل، لبيَّنه، وابن جريج ثقة فيما رواه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015