وأما تنفُّل راكب السفينة، فمذهب الشافعي: أنه لا يجوز، إلا إلى القبلة، إلا ملاحَ السفينة؛ فيجوز له التنفل إلى غير القبلة؛ لحاجته.
وعن مالك روايتان: إحداهما: كمذهب الشافعي، والثانية: جواز التنفل حيثما توجهت، لكل أحد.
ثم إنه يجوز التنفل في السفر على كل دابة؛ من بعير، وبغل، وفرس، وحمار؛ بلا خلاف، بشرط ألا يكون الراكب مماسًا لنجاسة، والله أعلم.
* * *
عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ: بَيْنَمَا النَّاسُ بِقُباءَ، في صَلاَةِ الصُّبْحِ إذ جَاءَهُمْ آتٍ، فَقَالَ: إنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ قُرْآنٌ، وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ القِبْلَةَ؛ فاسْتَقْبِلُوهَا، وكَانَتْ وُجُوهُهُمْ إلَى الشَّامِ، فَاسْتدَارُوا إِلَى الكَعْبَةِ (?).
أما ألفاظه:
فقوله: "بينَما الناس"؛ معناه: بينَ أوقاتِ كذا، ويجوز: بينما، وبينا؛ بلا ميم.
وقُباء: بالمدِّ، ومصروفٌ، ومذكَّر، وقيل: مقصورٌ، وغيرُ مصروف، ومؤنَّثٌ؛ وهو موضع معروف بقُرب المدينة (?).
وقوله: "وقَدْ أُمِرَ أَنْ يستقبلَ القبلةَ؛ فاستقبِلوها":
سميت القبلة قبلة؛ لأن المصلي يقابلها، وتقابله.
قال الهروي: وروي: فاستقبلوها -بكسر الباء، وفتحها-، الكسر أصحُّ