قال القاضي عياض - رحمه الله -: الأولى أن يكون جَهَدَ؛ بمعنى: بلغ جهده في عملِه فيها (?).

والجُهْدُ: الطاقة؛ وهو إشارة إلى الحركة، وتمكن صورة العمل؛ وهو نحو قول من قال: حَفَزَها؛ أي: كَدَّها بحركته؛ وإلَّا فأي مشقة بلغ بها في ذلك؟

وقوله في أول الحديث: "بينَ شُعَبِها"؛ كناية عن المرأة، وإن لم يجر لها ذكر؛ اكتفي بفهم المعنى من السياق؛ كما في قوله تعالى: {حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} [ص: 32].

وأمَّا ما يتعلق بأحكام الحديث:

ففيه: بيان عدم انحصار وجوب الغسل بالإنزال، بل يجب به، وبالتقاء الختانين؛ وهو تغييب الحشفة، أو قدرِها في الفرج، فعلى هذا يكون الحديث خرج مخرج الغالب؛ لا أن الجلوس بين شعبها، وجهدها شرط لوجوب الغسل.

ولا شك أَنَّ وجوبَ الغسل كان في أول الإسلام منحصرًا في الإنزال؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّما الماءُ من الماءِ" (?)، ثم نُسخ ذلك بهذا الحديث، وغيرِه؛ كحديث: "إِذا التَقَى الخِتانانِ" (?)، وفي رواية: "إذا مَسَّ الخِتانُ الخِتانَ" (?)، وفي رواية أبي داود: "وأُلْزِقَ الخِتانُ بالخِتانِ، فقد وجبَ الغسلُ" (?).

ولا شك أنَّ هذا الحكم مجمَعٌ عليه، ولم يقل أحد بخلافه؛ إلَّا ما روي عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015