واعلم أنَّ مدلول حقيقة لفظ هذا الحديث؛ إباحةُ النوم وهو جنب، لكنها متوقفة على الوضوء، وهو مأمور به، واختلف العلماء في الأمر به، هل هو للاستحباب، أم للوجوب؟

فمذهب الشافعيِّ، وأبي يوسف، والجمهور: إلى أنَّه للاستحباب.

ونقل ابن العربي، عن الشافعيِّ: أنَّه لا يجوز للجنب أن ينامَ إلَّا على وضوء، وهو غريب ضعيف، لا يعرفه أصحاب الشَّافعي؛ بل قالوا كلهم بخلافه.

وعن مالك في وجوبه قولان:

أحدهما: وهو قوله في "المجموعة"، وبه قال ابن حبيب، وأهل الظاهر: الوجوب، فلو تركه، قال مالك: فليستغفر الله.

وقال بعض أشياخ المالكية: لا تسقط العدالةُ بتركه؛ لاختلاف العلماء فيه.

ثمَّ المراد بالوضوء: الوضوء المشروع، ولم نعلم أحدًا قال: بأنه الوضوء اللغوي؛ الذي هو مجرد النظافة، ويؤيد ذلك: ما رواه مسلم، في "صحيحه"، عن عائشة - رضي الله عنها -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد أن ينام وهو جنب؛ يتوضأ وضوءه للصلاة (?).

واستدل من قال بوجوبه: بأنَّه ثبت في لفظ الحديث في "الصحيحين"، وغيرهما: أنَّ الوضوء ورد بصيغة الأمر، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "تَوَضَّأْ، واغْسِلْ ذَكَرَكَ؛ ثُمْ نَمْ" (?)، ومطلق الأمر للوجوب.

لكنَّه وقع الإجماع على أنَّه: لا يجب على الجنب الوضوء؛ وإنَّما يجب عليه الغسل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015