للأصل السابق، وهو الطهارة، واطراحًا للشكِّ الطارئ، وأجازوا الصلاة في هذه الحال.
وعن مالك - رحمه الله - روايتان:
إحداهما: يلزمه الوضوءُ مطلقًا، وهي محكيَّة عن الحسن البصري، ووجه شاذٌّ عن بعض الشافعية؛ نظرًا إلى الأصل قبل الطهارة، وهو ترتب الصلاة في الذمة، فلا تُزال إلا بطهارة متيقَّنَة، ولا يقينَ مع الشكِّ في وجود الحدث.
والثانية: إن كان شكُّه في الصلاة، لم يلزمه الوضوءُ وإن كان خارجَها، لزمه، وكأنَّه أخذه من الحديث الَّذي رواه مسلم في "صحيحه" عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا وَجَدَ أَحَدُكُم في بَطْنِهِ شَيْئًا، فَأَشْكَلَ عَلَيْهِ، أَخَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ، أَمْ لا؟ فلا يَخْرُجَنَّ مِنَ المَسْجدِ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا، أو يَجِدَ ريحًا" (?).
وحمل الحديث على العموم في الصلاة إذا كان في المسجد، وأنَّ المرادَ بالمسجد نفس الصلاة؛ تسمية للصلاة باسم موضعها؛ للزومها إياه.
فالشَّافعي: اطَّرح الشكَّ مطلقًا، وألغى كلَّ قيد، واعتبر أصل الطهارة الواردَ بعدَ ترتب الصلاة في الذمة، كيفَ وقد ورد في بعض طرق الحديث: "إِنَّ الشَّيْطَان يَنْفُخُ بَيْنَ إِلْيَتَيِ الرَّجُلِ" (?) تنبيهًا على إلغاءِ الشكِّ الحاضر؛ لأجل مناسبة سبب؟
قال أصحاب الشَّافعي: ولا فرق في شكه بين تساوي الاحتمالين في وجود