لكنه وقع الإجماع على إباحته لهن، وخطاب الذكور لا يتناول النساء عند الإطلاق عند محققي الأصوليين، والأحاديث الصحيحة في "صحيح مسلم" مصرحة بإباحته لهن؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر عليًّا وأسامة أن يكسوا الحرير نساءهما، والحديث مشهور أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في الحرير والذهب: "إن هَذَيْنِ حَرامٌ على ذُكور أُمَّتي، حِلٌّ لإنِاثها" (?)، والله أعلم.

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فإنه من لبسَه في الدنيا، لم يلبسْهُ في الآخرة"؛ هذا علَّة منه - صلى الله عليه وسلم - للمنع من لبسه، وكأنه إشارة إلى ما فيه من التنعم والتزيين، فقوبل من لبسه في الدنيا بمنعه إياه في الآخرة؛ كما مُنع مَنْ شرب الخمر في الدنيا، [بمنعِه] (?) شربَها في الآخرة، وكذلك من طرب في الدنيا بغير مأذون فيه صورة ومعنى، لم يطرب في الآخرة؛ فالطرب في الشرع: هو عبارة عن فكر يطرأ عند التدبر فيما يسمعه، والمأذون فيه: هو القرآن، والحديث النبوي، وغيرهما من الأحكام والحكم والمواعظ، نثرًا ونظمًا، فمن طرب بغير ذلك بغير صورة الطرب شرعًا، لم يطرب في الآخرة.

ولفظ هذا الحديث بذكر هذه العلة، عامٌّ في الرجال والنساء، لكنه مخصوص في النساء بأحاديثِ الإذن لهن في لبسه، فيبقى على منعه في الرجال.

ولا نقول: إن عموم هذا الحديث ناسخ؛ لخصوص الإذن في النساء؛ لعدم معرفة التاريخ، والمتقدم منها والمتأخر.

نعم، لو قيل بكراهته لهن، لم يبعد، لكني لا أعلم من قال به الآن، فإنهم قالوا: هو مباح لهن بالإجماع، وهو مستوي الطرفين، والكراهة ترجيحُ جانب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015