وبهذا قال الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني الإِمام في علم الأصول والفقه وغيره.
وحكى القاضي عياض -رحمه الله- هذا المذهب عن المحققين، واحتج القائلون بهذا؛ فإن كل مخالفة، فهي بالنسبة إلى جلال الله تعالى كبيرة، ولهذا قال السلف -رحمهم الله-: لا تنظر إلى الذنب، ولكن انظر إلى مَنْ عصيت، وهذا كله يدل على عدم قسيم الكبائر من الصغائر، وقد بينا دليل وجودها: وأما الثاني: فهو انحصارها في عدد.
ولا شك أنه ثبت في الصحيح: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الكبائر سبع" (?)، وهذه الصيغة، وإن كانت تقتضي الحصر، فهو غير مراد بلا شك. وإنما وقع الاقتصار على السبع في هذا الحديث، وفي رواية في "صحيح مسلم": أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الكبائر ثلاث"، وفي أخرى: "أربع" (?)؛ لكونها من أفحش الكبائر مع كثرة وقوعها, لا سيما فيما كانت عليه الجاهلية، ولم يذكر في بعضها ما ذكر في الأخرى، وذلك يدل على أن المراد: البعض، ويكون التقدير: من الكبائر.
ولهذا ثبت في الصحيح: "من الكبائر شتم الرجل والديه"، وثبت في عدم الاستبراء من البول، وفي النميمة: أنهما من الكبائر. وجاء في غير الصحيح من الكبائر: اليمين الغموس، واستحلال بيت الله الحرام.
وتقدم مذهب ابن عباس وأبي إسحاق وغيرهما: أن الكبائر كل ما نهى الله عنه.
وروي عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: أنه سئل عن الكبائر، أسبع هي؟ فقال: هي إلى .............................................................