سليمان لو قال: "إن شاءَ الله"، لم يحنث، ولجاهدوا؛ إذ ليس فيه مما يدرك بالظن والاجتهاد، وإنما أخبر عن حقيقة أعلمه الله تعالى بها، وهو نحو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لولا بنو إسرائيلَ لم يَخْنَزِ اللحمُ، ولولا حَوَّاءُ لم تَخُنْ أنثى زوجَها" (?)، فلا معارضة بين هذا وبين حديث النهي عن (لو).
وقد قال الله -عَزَّ وَجَلَّ-: {لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ} [آل عمران: 154]، {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا} [الأنعام:28] وكذا ما جاء من (لولا)؛ لقوله تعالى: {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ} [الأنفال: 68]، {وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ} [الزخرف: 33]، {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ} [الصافات: 143 - 144]؛ لأن الله تعالى مخبر في كل ذلك عما مضى، أو يأتي عن علم خبرًا قطعيًّا، فكل ما يكون من (لو) و (لولا) ما يخبر به الإنسان عن علمه امتناعه من فعله، مما يكون فعله في قدرته، فلا كراهة فيه؛ لأنه إخبار حقيقة عن امتناع شيء لسبب شيء، أو حصول شيء لامتناع شيء.
وتأتي (لولا) غالبًا لبيان السبب الموجب، أو النافي، فلا كراهة في كل ما كان من هذا الأمر، إلَّا أن يكون كاذبًا في ذلك؛ كقول المنافقين: {لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ} [آل عمران: 167]، والله أعلم (?).
* * *
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعودٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ حَلفَ عَلَى يَمينٍ صَبْرٍ يَقْتَطعُ بِها مَالَ امْرِيٍ مُسْلِمٍ هُوَ فِيهَا فَاجِرٌ، لَقِيَ الله وَهُوَ عَلَيْهِ