وقال الخطابي، وغيره: وليس ذلك من أجل أن في الجريد الرطب معنى ليس في اليابسِ، قال: والعوام في كثير من البلاد يجعل الخوص في قبور موتاهم، كأنهم ذهبوا إلى هذا، وليس لفعلهم وجهٌ، هذا آخر كلامه (?).
وقد ذكر البخاريُّ في "صحيحه": أنّ بُريدة بنَ الحصيبِ الصَّحابي - رضي الله عنه - أوصى: أن يجعل في قبره جريد (?)؛ فلعلَّه تبرك بفعل يُفْعَل مثل فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وقيل: لعله - صلى الله عليه وسلم - أوحي إليه بذلك، وقيل: بل إنه - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو لهما مدة رطوبتهما.
واعلم أن العلماء اختلفوا في تسبيح اليابس:
فقال كثيرون، أو الأكثرون من المفسرين: لا يسبح، في قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} [الإسراء: 44]، قالوا معناه: وإن من شيء حي، ثمَّ قالوا: فحياة كل شيء بحسبه؛ فحياة الخشب ما لم ييبس، والحجر ما لم يقطع.
وذهب المحققون من المفسرين إلى أنه: على عمومه، ثمَّ اختلف هؤلاء؛ هل يسبح حقيقة، أم تسبيحه أن فيه دلالةً على الصَّانع؛ فيكون مسبحًا منزِّهًا، بصورة حاله.
والمحققون: على أنه يسبح حقيقة، وقد أخبر الله -سبحانه وتعالى-: {وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} [البقرة: 74] فإذا كان العقل لا يحيل جعلَ التمييز فيها، وجاء النص به؛ وجبَ المصيرُ إليه.
واستحب العلماء من هذا الحديث: تلاوة القرآن عند القبر، قالوا: لأنه اذا