أحدهما -وهو الراجح-: أنه لا يستنزه من البول، وعليه حجابًا؛ من ماء، أو حجارة؛ فيكون مجازًا؛ لكونه عبَّر بالتستر بالماء، أو الأحجار، في إزالة النَّجو عن الاستتار عن الأعين (?) في كشف العورة، إذ هو حقيقة فيه؛ لما بين الحقيقة والمجاز هنا من العلاقة، وهي: أنَّ المستتر عن الشيء فيه بعد، واحتجاب عنه؛ وذلك تنبيه بالبعد عن ملامسة البول.
قال شيخنا القاضي أبو الفتح - رحمه الله -: ورجحنا المجاز، وإن كان الأصل الحقيقة؛ لوجهين:
أحدهما: لو كان المراد: العذاب على مجرد كشف العورة؛ لكان أمرًا خارجًا عن البول؛ لحصول العذاب على كشفها، وإن لم يكن [بول] (?)، فتبقى خصوصية البول مطرحة عن الاعتبار، والحديث دال على خصوصية البول بعذاب القبر تصريحًا؛ فالحمل عليه أولى.
الثاني: أنَّ لفظة "من" من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يَسْتَتِرُ مِنَ البَوْلِ" حين أضيفت إليه؛ لابتداء الغاية حقيقة، أو مجازًا، المعنى ما يرجع إلى معنى ابتدائها، وهو أن عدم الاستتار بسبب العذاب إلى البول إذا هو ابتداء سببه من البول، وحمله على كشفها فقط، يزيل هذا المعنى (?).
ورواه أبو داود: "لا يَسْتنزِهُ مِنَ البَوْلِ"، وهو رواية لمسلم (?)، ورواه البخاري: "لا يَسْتبرِئُ مِنَ البَوْلِ" (?)؛ وكلها تقوِّي ترجيح الاستنزاه منه، لا الاستتار.