فرتب - صلى الله عليه وسلم - الأمرَ بالقتال على أشياءَ بالغاية على وجودِها جميعًا، وذلك يثبت بحصول مجموعها, ولا ينتفي إلا بانتفائها جميعها.

فإن قصد بها الاستدلال من الحديث المذكور الدلالة المنطوقية، وهي الأمر بالقتال إلى هذه الغاية، فقد وَهِلَ وسَها؛ فإن المقاتلة تقتضي المفاعلة من الجانبين، ولا يَلْزَمُ من ذلك إباحة القتل على ترك الصَّلاة، إذا لم يقاتل. ولا إشكال بأن قومًا لو تركوا الصّلاة وقاتلوا عليها، قوتلوا، بدليل مناظرة عمر والصديق - رضي الله عنهما - في قتال مانعي الزكَاةِ، وقول الصديق لعمر - رضي الله عنهما -: أرأيت لو تركوا الصلاة، أكنت تقاتلهم؟ فقال: نعم، فقال أبو بكر: والله لأقاتلن مَنْ فرق بين الصلاة والزكاة. قال عمر: فوالله ما هو إلا أن رأيتُ الله قد شرح صدرَ أبي بكر للقتال، فعرفت أنه الحق، فقاتلهم (?).

وإن قصد به الدلالة المفهومية في ترتيب القتال على فعل المعصية الواحدة منها دون المجموع، فالخلاف في دلالة المفهوم معروف. وبعض من ينازع في هذه المسألة لا يقول بها, ولو قال بها، رجح عليها دلالة المنطوق في هذا الحديث.

واعلم أن قتل تارك الصلاة كسلًا، وعدمه: مبني على تكفيره، وقد ثبت في كفره ثلاثة أحاديث:

الأول: ما رواه مسلم في "صحيحه" عن جابر - رضي الله عنه -، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن بينَ الرجلِ وبينَ الشرِك والكفرِ، تَرْكَ الصلاةِ" (?).

الثاني: عن بريدة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "العهدُ الذي بيننا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015