أمَّا قولُ عُمَرَ - رضي الله عنه -: "هُوَ أَنفَسُ"؛ فمعناه: أجود، والنَّفِيس: الجيد، وقد نَفُسَ -بفتح النون وضم الفاء- نفاسة.
واسم المال المذكور الذي وقفه عمر - رضي الله عنه -: (ثمغ) -بثاء مثلثة مفتوحة، ثم ميم ساكنة، ثم غين معجمة-.
وفي قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن شِئتَ حَبَستَ أَصلَهَا وَتَصَدَّقتَ بِهَا"، قال الأزهري: يقال: حبست الأرض، ووقفتُها، وحبستُ أكثرُ استعمالًا (?)، وقال الشافعي - رحمه الله -: لم يحبس أهل الجاهلية فيما علمته دارًا ولا أرضا تَبَرُّرًا، قال: وإنما حبس أهل الإسلام (?).
قال العلماء من الشافعية وغيرهم: الوقف: تحبيس مالٍ يمكن الانتفاع به، مع بقاء عينه؛ بقطع تصرف الواقف، وغيره في رقبته، يُصرف في جهة خير؛ تقربًا إلى الله تعالى.
وأَمَّا قوله: "وتَصَدَّقْتَ بِهَا"، يحتمل أن يكون راجعًا إلى أصل المال المحبَّس، وهو ظاهر اللفظ، ويحتمل أن يكون راجعًا إلى الثمرة، على حذف المضاف؛ أي: وتصدقت بثمرتها أو رَيْعها.
وقوله: "فَتَصَدَّقَ بِهَا، غيرَ أنهُ لا يُباعُ أَصلُها، ولا يُورثُ، ولا يُوهَبُ".
لا شك أن أسباب الدخول في الملك ثلاثة أنواع:
أحدها: ما يدخل بعوض دنيوي؛ كالبيع.
الثاني: ما يدخل في الملك قهرًا؛ كالإرث.
والثالث: ما يدخل بغير عوض ولا قهر؛ كالهبة.
ولمَّا كان الوقف خارجًا عن هذه الأسباب في رقبته، منع الشرع منه؛ حيث