الجنة، ومعنى "بُورِكَ لَهُمَا في بَيْعِهِمَا"؛ أي: حصل النماء والزيادة.

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وَإنْ كَتَمَا وَكَذَبا، مُحِقَتْ برَكَةُ بَيْعِهِمَا"؛ أي: ذهبت بركته، وهي الزيادة والنماء، وقد روي مرفوعًا: "التاجرُ الصَّدوقُ معَ النَّبيِّينَ والصِّدِّيقينَ والشُّهَداء والصَّالحين" (?)، وقد تكلم العلماء على حقيقة الصدق وأقله ودرجاته، فحقيقته: السعي عن مطالعة النفس بحيث لا يحصل لها إعجاب بالعمل، وأقله ما قاله القشيري -رحمه الله تعالى-: استواء السر والعلانية (?)، وقال سهل التستري - رحمه الله -. لا يشم رائحة الصدق، عبدٌ داهن نفسه أو غيره (?)، ودرجاته غير منحصرة.

وبعد ذلك كلِّه: فالصادق مسؤول عن صدقه، قال الله تعالى: {لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ} [الأحزاب: 8].

وفي الحديث دليل: على ثبوت خيار المجلس.

وفيه دليل: على وجوب الصدق في البيوع؛ بذكر مقدار أصل الثمن في الإخبار، وما في الثمن أو السلعة من عيب وغيره.

وفيه دليل: على تحريم الكذب في ذلك.

وفيه: الحث على تعاطي الصدق، وعلى منع تعاطي الكذب.

وفيه: أنَّ الصدق سبب البركة، والكذب سبب لمحقها.

وفيه دليل: على ذكر الصدق، وإن ضرَّ ظاهرًا، وعلى ترك الكذب، وإن زاد ظاهرًا؛ فإنه يضرُّ باطنًا وظاهرًا، والله أعلم.

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015