فَلْيَطُفْ بِالبَيْتِ وَبالصفَا وَالمَرْوة، وَلْيقصِّر، وَلْيَحلِلْ، ثم ليُهِلَّ بِالحَجِّ وَلْيُهْدِ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا، فَلْيَصُمْ ثلاَثةَ أَيامٍ في الحَج وَسَبْعَةً إذَا رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ". فَطَاف رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ، وَاستَلَمَ الركْنَ أَولَ شَيءٍ، ثمَّ خَب ثلاَثَةَ أَطْوَافٍ مِنَ السَّبْعِ، وَمَشَى أَرْبَعَةً، وَرَكَعَ حِينَ قَضَى طَوَافَهُ بِالبَيْتِ عِنْدَ المَقَام رَكْعَتَيْنِ، ثمَّ سَلَّمَ فَانْصَرَفَ، فَأتى الصَّفَا، فَطَافَ بِالصَّفَا وَالمَروَةِ سَبْعَةَ أَطْوَافٍ، ثمَّ لَمْ يَحِل مِنْ شَيْء حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى قَضَى حَجَّهُ، وَنَحَرَ هَدْيَهُ يَوْمَ النحرِ، وَأفاضَ، فَطَافَ بِالبَيْتِ، ثمَّ حَلَّ مِنْ كُل شَيْءٍ حَرمَ مِنْه، وَفَعَلَ مِثلَ مَا فَعَلَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مَنْ أهْدَى فَسَاقَ الهَدْيَ مِنَ النَّاسِ (?).

أَما قول ابنِ عُمَر: "تَمَتَّعَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ": فهو محمول على التمتع اللغوي، وهو الانتفاع بإسقاط عمل العمرة والخروج إلى ميقاتها؛ فإنه - صلى الله عليه وسلم - كان قارنًا آخرًا؛ فإن ابن عمر روى أنه أحرم أولًا مفردًا، فتعين أن قوله: "تَمتَّعَ" على أنه كان قارنًا، وأدخل العمرة على الحج؛ لأجل سوق الهدي معه؛ فإن من ساق الهدي لا يتحلل حتى يبلغ الهدي محله؛ لقوله تعالى: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: 196].

وإنما لم يفسخ الحج إلى العمرة؛ كما أمر غيره؛ لأجل ما كانت الجاهلية تعتقده من عدم جواز العمرة في أشهر الحج، فأراد - صلى الله عليه وسلم - إبطال ما كانوا عليه بفعله وقوله، وترفه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - باتخاذ الميقات بإدخال العمرة على الحج والفعل.

وقولهُ: "فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ بِالعُمْرة إلَى الحَج"؛ أي: بإدخال العمرة على الحج، وإنما قال: في حجة الوداع؛ لينفي تمتع الإحصار، وليدل بتعين ذلك فيها باستقرار حكم إدخال العمرة على الحج؛ حيث إنه الآخِر من فعله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع.

وقولهُ: "وَأَهْدَى فَسَاقَ الهَدْيَ مَعَهُ مِن ذِي الحُلَيْفَةِ" هو بيان للمكان الذي ابتدأ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015