قال ابن هشام: فتوهّم تلميذه أبو زكريا النووي -رَحِمَهُ اللهُ- (?) أنّ المراد:
[إعطاؤها] (?) حكمها في [إفادة] (?) معنى الجمع؛ فقال: لا يجوز النصب؛ لأنه يقتضي أنّ المنهي عنه الجمع بينهما دون إفراد أحدهما. وهذا لم يقُله أحَد، بل القول منهيٌّ عنه سواء أراد الاغتسال فيه أو منه أم لا، وإنما أراد ابن مالك إعطاء حُكمها في النصب لا في المعيّة (?).
قال القرطبي: بعض الناس أجاز: "ثم يغتسل منه" بجَزم "اللام" على العطف على "يبولن"، وهذا ليس بشيء؛ إذ لو أراد ذلك لقال: "ثم لا يغتسلن"؛ لأنه إذ ذاك عطف فعل على فعل، لا عطف جملة على جملة، وحينئذٍ يكون الأصل مساواة الفعلين في النهي عنهما وتوكيدهما بـ"النّون" المشدّدة، فإنّ المحلّ الذي توارَدَا عليه هو شيء واحِد، وهو "الماء".
فعُدُوله عن "ثم لا يغتسلن" دَليلٌ على أنّه لم يُرد العَطف، وإنما جاء "ثم يغتسل" على التنبيه على مآل الحال، ومعناه: "أنه إذا بال فيه قد يحتاج إليه فيمتنع عليه استعماله لما أوقع فيه من البول".
وهذا مثل قوله -عَلِيه السلّام-: "لا يضرب أحدكم امرأته ضرب الأمة ثم يُضاجعها" (?) ..........................................................