قوله: "فمِنْ ناضِح ونَائِل". قال الشيخُ تقيّ الدّين: "النّضحُ": "الرّشُّ". قيل: معناه: "أنَّ بعضهم كان ينالُ ما لا يَفْضل منه شَيءٌ، وبعضُهم كان ينالُ منه ما ينضح منه على غيره".
وتشْهَد له الرّواية الأخْرَى في الصّحيح: "وَرَأَيْتُ بِلَالًا أَخْرَجَ وَضُوءًا، فَرَأَيْتُ النَّاسَ يَبْتَدِرُونَ ذَلِكَ الْوَضُوءَ، فَمَنْ أَصَابَ مِنْهُ شَيْئًا تَمسَّحَ بِه، وَمَنْ لَمْ يُصِبْ مِنْهُ شَيئًا أَخَذَ مِنْ بَلَلِ يَدِ صَاحِبِهِ" (?). انتهى. (?)
ويتوجّه في إعرابه أنْ يكُون التقديرُ: "فمنّا نَاضِحٌ ومنّا نائِل". فـ"ناضح" و "نائل": مُبتدآن، وخبرهما في المجرور، الذي هو "منّا"، ثم حذف المجرور، وبقي حَرْفُ الجرّ [مُتصلًا] (?) بالمبتدأ؛ فانجَرّ، وهذا من وَجيز الكَلَام وفَصيحِه؛ لأنّه أفَاد ما يُفيده أكثر منه لَفْظًا.
ويحتمل أنْ يكُون التقديرُ: "فنائلٌ لا ينالُ منه، ومن ناضِح ينال منه"؛ فيتعلّق حرفُ الجر بـ"ينال"، ويُفسَّر الحديثُ بالرّواية الأخْرَى؛ لأنّها تدلُّ عليه.
و"من" هُنا للتفْصيل، وهو أحَدُ أقسَامها (?)، والمفَصّلُ مَحْذوفٌ، والتقديرُ: "خَرَجَ بلال بوضوء على النّاس ... "، والتقسيمُ في محلّ بدَل، بدَل كُلّ من كُل، مُفصّل من مجمُوع.