المعْنَى، ويكُون تقديره: "تضمّن الله القَبُولَ لمَن خَرَجَ"، ويكُون "أنْ أُدْخِله الجنّة" بَدَل منه، ويكُون الضّمير يعُود على "القبُول" المقَدّر، وتقديرُ الكَلام: "تضَمّن الله لمَن خَرَجَ في سَبيله لا يُخرِجُه إلّا الجهَاد والإيمان والتصديق القَبُولَ"؛ فـ"القَبُول" مفعُول "تضَمّن"، ثم أكّدَه بقوله: "فهُو عَليّ ضَامِن"، أي: "مَضْمُون".

ويكُون "أنْ أدْخِله الجنّة" إمّا بَدَل على مَا [تقَدّم] (?) مِن المحذُوف، وهَذَا يصحّ عند بعْضِهم (?). وإمّا مفعُول لم يُسَمّ فَاعِله للمَضْمُون الذي أوِّل به "ضَامِن"؛ فيكُون "فهو عليّ ضَامِن ... إلى آخره" مُؤَكِّد مُبيّن لما تقَدّمه.

ولك أنْ تجعَل "أنْ أدْخِله الجنّة" مفعُول "تضَمّن"، أي: "تضَمّن الله لمن خَرَجَ في سَبيله أنْ يُدْخِله الجنّة"؛ ويكُون "فهو عليّ ضَامِن" جملة مُعترضَة مؤَكّدة لقَوله "تضَمّن".

ويحتمل أنْ يكُون "فهو ضَامِن" مِن كَلام الرّاوي. أو مِن كَلام النّبي - صلى الله عليه وسلم - مُعترض بين الفِعْل ومفعُوله، ويبقى "ضَامِن" على أصْله، ثم أتى بالمفعُول بعد هَذا القَول؛ لأنّ تقديمَ المعترضة هنا تُفيد تعظيم الباري سُبحانه وتعظيم ما أخبر عنه. (?)

ويحتمل أنْ يكُون الكَلام فيه تقْديم وتأخِير، أي: "تضَمّن الله لمَن جَاهَد أن يُدخِله الجنّة، فهُو ضَامِنٌ لذلك"، وفيه مَا تقَدّم مِن التأكِيد. والله أعلم.

وإنّما تأوّلنا "ضَامِن" بمَعنى "مضْمُون" فيما قبل هذا؛ لأنّه كَذلك وَرَد في مَواضِع مِن كَلَام العَرَب وأشْعَارِهم وفي كتابِ الله -عز وجل-، فمِن ذلك قوله تعَالى: {لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} [هود: 43]، أي: "لا مَعْصُوم"، ومنه: {مَاءٍ دَافِقٍ} [الطارق: 6]، بمَعنى "مَدْفُوق"، و {عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} [الحاقة: 21]، بمَعنى "مَرْضِيّة".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015