قوله: "فقُلتُ له: قد قُلتُه": في الكَلام اقتضَابٌ يدُلّ عليه السّياق، أي: "فقيل للنبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك، فقال لي: أنت قُلته؟ فقال عبد الله: قد قُلته". (?)
قوله: "بأبي أنت وأمّي": حرفُ الجر يتعلّق بمحْذُوف، تقديره: "أفديك بأبي" (?)، وتكُون "أنت" [تأكيدًا] (?) للكَاف في "أفديك". و"أمّي" معطوفٌ على "أبي".
وتأكيدُ الضّمير المنصُوب بالضّمير المرفُوع جَائزٌ، منه قَوله تعَالى: {إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [البقرة: 129] (?). (?)
ويجوز أن تكون "أنت" مُبتدأ، والخبرُ في جُملة "أفْديك" مُتقَدّم محذُوف، أي: "أنتَ أفْديك بأَبي". وهَذا مِن كَمال حُسْن الأدَب عِنْد خِطَاب النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وقَدّم الأب على الأُم؛ لأنّ تعَلّق الوَلَد بوَالِده وتوَقّعه لنُصْرَته لا يُوجَد في الأُم. والعَرَبُ تقَدّم عند الخطاب هَذَا ومثله؛ استعطافًا واستجلابًا وتَوْطِئَةً.
فإنْ قُلْت: فقَد قَدّم قُبيل هَذا "قد قُلتُه يَا رَسُولَ الله"، ولم يَذكُر "بأبي أنْتَ وأُمّي". فالجوَاب: أنّه آثَرَ سُرعَة [إجابة] (?) النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما سَأَل عنْه، [ثُم] (?) أتَى بما