فذهب جماعة منهم إلي هذا.

ومنع منه آخرون، وقالوا: لا يجوز نسخ الأخف بالأثقل، وهو قول أبي [بكر بن] (?) داود.

دليلنا:

أن الله تعالى أوجب الصوم في أول الإسلام على التخيير. ثم نسخ ذلك وحتمه: والانحتام أغلظ من التخيير.

وهكذا كان حد الزاني في أول الإسلام الحبس (?) بقوله تعالى: (وَالَلاتِي يَأتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نسائِكُم فَاسْتَشْهِدُوا عَليْهِن أَرْبعة مِنْكمْ فَإنْ شَهِدُوا فأَمْسكوهُن فِي الْبُيوتِ حَتّى يَثوَفاهن الْمَوْتُ أَوْ يجْعلَ الله لهن سَبِيلاً) (?) ثم نسخ ذلك، وجعل حد البكر الجلد والتغريب، والثيب الجلد والرجم. وهذا نسخ شيء إلي ما هو أغلظ منه وأشد، فثبت جواز ذلك.

ولأن حقيقة النسخ: الرفع والإزالة، وإثبات الحكم الثاني طريقه ابتداء شرع، لا أنه من مقتضى الحكم الأول وموجبه، ألا ترى أن الله تعالى لو رفع حكماً ولم يثبت مكانه شيئاً آخر كان ذلك نسخاً، فلم يمتنع أن يزيل حكماً ويثبت مكانه أغلظ منه وأشد؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015