ولأن حمل جميع الجنس على العموم؛ إنما هو بطريق الظاهر، لا من جهة القطع على جميع الجنس، وليس كذلك في الأعداد؛ لأن جميعها منطوق به نصًا وصريحًا؛ فلهذا فرقنا بينهما.
وجواب آخر عن الآية وهو: أنه يحمل هذا على الاستثناء المنقطع، وهو بمعنى: لكن من اتبعك من الغاوين، كقوله تعالى: {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلاَّ رَبَّ الْعَالَمِينَ} 1 معناه: لكن رب العالمين، وكقوله: {إِلاَّ خَطَأً} 2 يعني: لكن خطأ.
واحتج بقوله تعالى: {قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلًا، نِصْفَهُ أَوْ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا، أَوْ زِدْ عَلَيْهِ} 3؛ فقد استثنى النصف.
والجواب: أن أصحابنا اختلفوا في استثناء النصف.
فالخرقي أجاز ذلك؛ لأنه قال: إذا استثنى منه الكثير، وهو أكثر من النصف4. فعلى هذا يقول بظاهر الآية.
وأبو بكر منع استثناء النصف5؛ فعلى هذا: قوله تعالى: {نِصْفَهُ} كلام مبتدأ، وليس باستثناء.
واحتج بقول الشاعر: