وإنما سمي ضرورة؛ لأنه مما تمس الحاجة إليه، أو مما يقع الإكراه عليه والإلجاء إليه؛ ولهذا قال تعالى: {إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} 1، وقال: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ} 2. وقالوا في المكره على الطلاق والعتاق: إنه مضطر إليه ومحمول عليه ومكره عليه.

وعلم الضرورة على ضربين3: أحدهما لا يتعلق بسبب سابق، والثاني يتعلق بسبب سابق.

فأما ما لا يتعلق بسبب سابق، فمثل علم الإنسان بأحوال [4/ أ] نفسه، من قيامه وقعوده، وحركاته وسكناته، وما يعرض في نفسه من خير وشرور، وميل ونفور، ولذة وألم، وصحة وسقم، ومثل ذلك علمه باستحالة اجتماع الضدين، والجسم في مكانين، وأن الواحد أقل من الاثنين، فهذا كله علم مبتدأ في نفسه لا يتعلق بسبب.

وأما ما يتعلق بسبب سابق فعلى ضربين: محسوس، وغير محسوس، فأما المحسوس: فهو العلم الواقع عن الحواس الخمس وهي: البصر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015