فإن قيل: فقد روي عن زيد بن ثابت: أقل الجمع اثنان1.
قيل: إن صح هذا؛ فيحتمل أن يكون معناه، أن الاثنين في حكم الجمع في حجب الأم.
وأيضًا: فإن أسماء الحقائق لا تنتفي عن مسمياتها؛ فلو كان اسم الجمع يقع على الاثنين حقيقة؛ لم يحسن أن يقول القائل: ما رأيت رجالًا؛ وإنما رأيت رجلين؛ فلما صح نفي ذلك؛ دل على أن الرجلين إذا سميا رجالًا كان مجازًا، وكان بمنزلة قوله: ما هذا أبي وإنا هو جدي، وما هذا بابني وإنما هو ابن ابني.
وأيضًا: فإن أهل اللغة فرقوا بين التوحيد والتثنية والجمع، وجعلوا للإفراد بابًا وللتثنية بابًا وللجمع بابًا، ولا يخلو لهم كتاب من هذا الترتيب، وإذا كان كذلك؛ وجب أن يختص الجمع بما زاد على الاثنين، كما اختصت التثنية بما زاد على الواحد.
وأيضًا: فإنهم إذا أرادوا بيان عدد الجمع ومقداره؛ بدءوا من الثلاثة، فقالوا: "ثلاثة رجال"، و"أربعة رجال" ولم يقولوا: "اثنان رجال"، وقالوا: "جماعة رجال"، ولم يقولون: "جماعة رجلين"؛ فدل هذا على ما ذكرنا.