لهذا المعنى، وجرى ذلك مجرى المأمور إذا كان عاجزًا بشرط القدرة؛ فإنه لا يوصف بذلك قبل القدرة، وإن كان مأمورًا.
واحتج بأن من شرط الأمر وجود المأمور، كما أن من شرط القدرة وجود القادر، فاستحال وجود قدرة بغير قادر، كذا يجب أن يستحيل وجود أمر بغير مأمور.
والجواب: أن نظيره أن من شرط الأمر آمر كما أن من شرط القدرة قادر.
ولأنه إنما لم يصح قدرة بغير قادر، لأن من شرطها وجود القادر بها؛ لأنها إنما كانت قدرة لقيامها بقادر يأتي1 الفعل بها، وليس كذلك الأمر؛ لأن من شرطه وجود الآمر لكونه قائمًا به، إذ الأمر كلامه، وليس من شرطه وجود المأمور، كما ليس من شرط القدرة وجود المقدور؛ إلا أن يكون مما لا ينفى، ألا ترى أنه يجوز أن يوصي الرجل في وصيته بما يعلمه ولده بعده إذا وجد ومخلفيه، فيكون ما يعمله من يوجد منهم [50/ب] بعده بأمر عند وصيته.
فإن قيل: كيف تصح هذه المسألة على أصولكم، وعندكم أن المعدوم ليس بشيء، وتدللون2 عليه بقوله: {وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ} 3 وقوله: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ} 4.