أن الصحابة عقلت من ظاهر قوله تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} 1 أنه يقتضي التكرار، ألا ترى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما جمع عام الفتح بطهارة واحدة بين صلوات، قال له عمر بن الخطاب -رضي الله عنه: أعمدًا فعلت هذا يا رسول الله؟ فقال: "نعم"، فعقلت من إطلاق الآية التكرار، فلما خالف النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك وجمع بطهارة واحدة سألته عن ذلك واستكشفت عن حاله.
وأيضًا: فإن الأمر كالنهي في باب أن النهي أفاد وجوب ترك الشيء، والأمر أفاد وجوب فعله، ثم كان النهي أفاد وجوب الترك على الاتصال أبدًا، وجب أن يكون الأمر يفيد وجوب الإيجاب على الاتصال أبدًا.
وامتنع أبو بكر الباقلاني من تسليم هذا، وقال: يقتضي الكفَّ عن مرة واحدة قدر ما إذا وقع منه من الكف.
قيل: قد [ر] النهي كالأمر سواء، وهذا قول مخالف الإجماع؛ لأن الفقهاء أجمعوا على أن النهي يقتضي التكرار2، وفرقوا بين الأمر والنهي بفروق، ونحن نذكرها، وما خالف الإجماع لا يلتفت إليه.