وإن كان جاهلاً بذلك، فما كان يحل له أن يحكيه لقوله تعالى: (وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْم) (?) .
وقال تعالى: (وَأنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) (?) .
فلم يبق إلا أن القول باطل.
فإن قيل: ذكر القولين ليعلم أصحابه طرق الاجتهاد، واستخراج العلل، وبيان ما يصححها ويفسدها؛ لأنه يحتاج إلى أن يبين طريق الأحكام، فكانت فائدة ذكر القولين هذا، دون أن يكون القولان مذهباً له.
قيل: لو كان كذلك لوجب أن يحكي جميع الخلاف في ذلك، فيحصل التحريض والتجريح، وقد حكى في مسألة قولين وفيها أقوال.
فإن قيل: أراد التخيير بين القولين؛ لأنه لم يظهر له مزيَّة لأحدهما على الآخر.
قيل: هذا يفضي إلى أن يتقاوم الدليلان ويتقابلا، وأدلة الشرع لا تتقاوم؛ لأن في تقاومها [ما] يفيد إحلال حرام، وهذا لا يجوز.
فإن قيل: إذا ذَكَر القولين ولم يبين الحق منهما، فقد أفاد بذكرهما أن ما عداهما باطل عنده، وأن الحق أحدهما.