وأما المطالبة بتصحيح العلة في الأصل فنقضها والقول بموجبها. وقد سبق الكلام عليه في باب العلم الدال على صحة العلة والاعتراض عليها.
وأما المطالبة بتفسير لفظ العلة، فمثل: قول أصحاب الشافعي في صوف الميتة: متصل بذي روح ينمو بنمائه، فوجب أن ينجس بنجاستِه بموته (?) .
قلنا لهم: قولك: "بموته" إما أن تريد به موت الأصل أو موت الشَّعَر.
فإن أردت به موت الشعر، لم نسلِّمه؛ لأن الشعر لا حياة فيه فيموت.
وإن أردت به موت الأصل لم يصح على أصلك؛ لأن عندك إنما ينجس بمفارقة الروح، كما ينجس العضو بمفارقة الروح له، لا بمفارقة الجملة.
فكانت المطالبة به صحيحة، والإِجابة واجبة.
وأما إذا كان مخالفاً لنص القرآن أو نص السنة أو الإِجماع فإنه غير صحيح؛ لأن ذلك كله أقوى من القياس وأولى به، فوجب تقديمها عليه، وإذا كان كذلك كان نقضاً للعلة.
وأما إذا كان موجباً للزيادة في النص، فإنه لا يصح على مذهب أبي حنيفة؛ لأن الزيادة في النص نسخ، فلا يجوز النسخ بالقياس (?) .