لأنه لا يخلو ما قاله أن يكون عن توقيف أو اجتهاد، فإن كان عن توقيف فهو أولى، وإن كان عن اجتهاد فاجتهاده أولى بمشاهدة التنزيل وحضور التأويل.

ولأنه منصوص عليه بقوله: (بأيهم اقتديتم اهتديتم) وإذا كانت له هذه المزية على غيره كان الاعتبار بقوله دون غيره، كما قلنا في القياس مع خبر الواحد، لما كان للخبر مزية كان مقدماً على القياس، وإن كان مساوياً له في أنه حجة، طريقها: غلبة الظن.

وللمخالف على هذا الدليل اعتراضات، نذكرها في قول الصحابي إذا انفرد به: أنه حجة، إن شاء الله تعالى.

واحتج المخالف:

بأنه قد ثبت أن الصحابة سوَّغت للتابعين الاجتهاد معها، وكانوا يفتون مع الصحابة، مثل سعيد بن المسيب وشُرَيح القاضي، الحسن البصري ومسروق وأبي وائل (?) والشعبي وغيرهم.

ألا ترى: أن عمر وعلياً -رضي الله عنهما- ولّيَا شريحاً القضاء، ولم ينقضا أحكامه بالفسخ مع إظهاره الخلاف عليهما في كثير من المسائل.

وكتب عمر إليه: (إن لم تجد في السنة فاجتهد رأيك) (?) . ولم يأمره بالرجوع، ولا الحكم بقوله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015