وذهب قوم من المتكلمين إلى أنه يعتد في الإجماع بمن يخالف الحق، كما يعتد بأهل الحق، سواء عظمت معصية المخالف للحق أو لم تعظم.

وهو اختيار أبي سفيان الحنفي.

وذكر الإسفراييني (?) : إن ارتكب بدعة كفر بها لم يعتد بقوله، وإن فسق بها، أو أتى كبيرة يعتد به (?) [171/أ] .

دليلنا:

قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أمَّةً وَسَطَاً لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ) (?) فجعلهم شهداء على الناس وحجة عليهم فيما يشهدون به، لكونهم وسطاً.

والوسط في اللغة: هو العدل (?) ، فلما لم يكن أهل الفسق والضلال بهذه الصفة، لم يجز أن يكونوا من الشهداء على الناس، فلا يعتد بهم في الإجماع.

ويدل عليه أيضاً: قوله: (وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المْؤْمِنِينَ) (?) فلما لم يكن سبيل أهل الفسق والضلال سبيل المؤمنين، لم يجز أن يكون سبيلهم مأموراً باتباعه.

ولأنه قد يجوز أن يعصي فيما يعتد به فيه من الإجماع، كما يعصي في غيره،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015