فَدلَّ ثوب على الْوَاحِد من هَذَا الْجِنْس، ودلت امْرَأَتَانِ على ثِنْتَيْنِ من هَذَا الْجِنْس، فاستغني بذلك عَن قَوْلك: وَاحِد أَثوَاب، وثنتا نسْوَة. وَقد جَاءَ فِي الشّعْر. قَالَ الراجز:
(كَأَن خصييه من التدلدل ... ظرف عَجُوز فِيهِ ثنتا حنظل)
أَرَادَ ثِنْتَانِ، فأضاف ثنتا إِلَى نوع الحنظل.
وَأما ثَلَاثَة إِلَى الْعشْرَة فَلَيْسَ فِيهِ لفظ يدل على النَّوْع والمقدار جَمِيعًا فأضيف الْمِقْدَار الَّذِي هُوَ الثَّلَاثَة إِلَى النَّوْع، وَهُوَ مَا بعْدهَا.
وَاعْلَم أَنَّك إِذا جَاوَزت الْعشْرَة بنيت النيف وَالْعشرَة إِلَى تِسْعَة عشر فجعلتها اسْما وَاحِدًا، كَقَوْلِك: أحد عشر، وَتِسْعَة عشر: وَفتحت الِاسْم الأول.
وَالَّذِي أوجب بناءهما أَن مَعْنَاهُ: أحد وَعشرَة، وَتِسْعَة وَعشرَة، فنزعت الْوَاو وَهِي مقدرَة، وَالْعدَد مُتَضَمّن لمعناها فبنيا لتضمنهما معنى الْوَاو، وَجعلا كاسم وَاحِد، فاختير الْفَتْح لَهما، لِأَن الثَّانِي حِين ضم إِلَى الأول صَار بِمَنْزِلَة تَاء التَّأْنِيث يفتح مَا قبلهَا. وَفتح الثَّانِي لِأَن الْفَتْح أخف الحركات وَلِأَن يكون مثل الأول لِأَنَّهُمَا اسمان جعلا اسْما وَاحِدًا، فَلم يكن لأَحَدهمَا على الآخر مزية، فجريا مجْرى وَاحِدًا فِي الْفَتْح. وَقد قُلْنَا: إِن الَّذِي أوجب فتح الأول هُوَ ضم الثَّانِي إِلَيْهِ وإجراء الثَّانِي مجْرَاه لِأَنَّهُ لَيْسَ أَحدهمَا أولى بِشَيْء من الحركات من الآخر وانتصب مَا بعدهمَا من قبل أَن فيهمَا تَقْدِير التَّنْوِين، وَلَا يَصح إِلَّا كَذَلِك، إِذْ تَقْدِيره خَمْسَة وَعشرَة، فالخمسة لَيْسَ بعْدهَا شَيْء أضيفت إِلَيْهِ فَوَجَبَ أَن تكون منونة، وَالْعشرَة محلهَا مَحل الْخَمْسَة فَكَانَت منونة مثلهَا. وَأَيْضًا فَإنَّا لم نر شَيْئَيْنِ جعلا اسْما، وهما