وَيكون حرف الْإِعْرَاب الْوَاو وَالْيَاء، وبعدهما النُّون. وَيكون لفظ الْمُذكر والمؤنث فِي ذَلِك سَوَاء، ويفسر بِوَاحِد منكور، وَذَلِكَ قَوْلهم: عشرُون درهما.
فَإِن قَالَ قَائِل: مَا هَذِه الكسرة الَّتِي لحقت أول الْعشْرين وهلا جرت على عشرَة فَيُقَال: عشْرين، أَو على عشر، فَيُقَال: عشْرين.
وَالْجَوَاب فِي ذَلِك أَن عشْرين لما كَانَت وَاقعَة عل الذّكر وَالْأُنْثَى كسر أَولهَا للدلالة على التَّأْنِيث وَجمع بِالْوَاو وَالنُّون للدلالة على التَّذْكِير، فَيكون آخِذا من كل وَاحِد مِنْهُمَا بشبهين.
فَإِن قَالَ قَائِل: فقد كَانَ يَنْبَغِي على هَذَا الْقيَاس أَن يجْعَلُوا هَاتين العلامتين فِي الثَّلَاثِينَ إِلَى التسعين.
قيل: قد يجوز أَن تكون الثَّلَاث من الثَّلَاثِينَ هِيَ الثَّلَاث الَّتِي للمؤنث.
وَيكون الْوَاو وَالنُّون لوُقُوعه على التَّذْكِير، فَيكون قد جمع للثلاثين لفظ التَّذْكِير والتأنيث، فَيكون على قِيَاس الْعلَّة الأولى مطردا، وَيجوز أَن يكون اكتفوا بِالدّلَالَةِ فِي الْعشْرين على الدّلَالَة فِي غَيره من الثَّلَاثِينَ إِلَى التسعين، فَجرى على مثل مَا جرى عَلَيْهِ الْعشْرُونَ.
فَإِذا وَقع الْعشْرُونَ على الْمُذكر والمؤنث كَانَ الثَّلَاثُونَ مثله، وَاكْتفى بعلامة التَّأْنِيث فِي الْعشْرين عَن عَلامَة فِي الثَّلَاثِينَ. وَدَلِيل آخر فِي كسر الْعين من عشْرين وَهُوَ أَنا رأيناهم قَالُوا فِي ثَلَاث عشرات: ثَلَاثُونَ وَفِي أَربع عشرات: أَرْبَعُونَ، فكأنهم ثَلَاثِينَ عشر مرار ثَلَاثَة، وَأَرْبَعين عشر مرار أَرْبَعَة، إِلَى تسعين. فاشتقوا من لفظ الْآحَاد مَا يكون لعشر مَرَّات ذَلِك الْعدَد فَكَانَ قِيَاس الْعشْرين من الثَّلَاثِينَ أَن يُقَال: اثْنَيْنِ واثنون لعشر مرار اثْنَيْنِ. إِلَّا أَنهم تجنبوا ذَلِك لِأَن اثْنَيْنِ لَا يكون إِلَّا مثنى، فَلَو قُلْنَا: اثْنَيْنِ كُنَّا قد نَزَعْنَا اثْنَا من الِاثْنَيْنِ، وأدخلنا عَلَيْهِ الْوَاو وَالنُّون، واثن لَا يسْتَعْمل إِلَّا مَعَ حُرُوف التَّثْنِيَة فَبَطل اسْتِعْمَاله فِي مَوضِع الْعشْرين، فَلَمَّا اضطروا لهَذِهِ الْعلَّة إِلَى اسْتِعْمَال الْعشْرين كسروا أَوله لِأَن اثْنَيْنِ مكسور الأول فكسروا أول الْعشْرين كَذَلِك، وأدخلوا الْوَاو وَالنُّون لِأَنَّهُ يَقع على الْمُذكر.
وَإِذا اخْتَلَط الْمُذكر والمؤنث فِي لفظ غلب التَّذْكِير، وَانْفَرَدَ اللَّفْظ بِهِ.
وَدَلِيل آخر، وَهُوَ أَنهم يَقُولُونَ فِي الْمُؤَنَّث: إِحْدَى عشرَة، وتسع عشرَة، فَلَمَّا جاوزها إِلَى الْعشْرين، نقلوا كسرة الشين الَّتِي كَانَت للمؤنث إِلَى الْعين كَمَا يَقُولُونَ فِي كذب: