وقال الثعلبي: روت الرواة بألفاظ مختلفة فقال بعضهم1: لما نزلت هذه الآية جاء أبو بكر وعمر وعبد الرحمن بن عوف ومعاذ بن جبل وناس من الأنصار فجثوا على الركب، وقالوا: والله يا رسول الله ما نزلت آية أشد علينا من هذه الآية إن أحدنا ليحدث نفسه بما لا يحب أن يثبت في قلبه فقال: "هكذا أنزلت"، فقالوا: هلكنا وكلفنا من العمل بما لا نطيق! قال: "فلعلكم تقولون كما قال من قبلكم سمعنا وعصينا بل قولوا: سمعنا وأطعنا" فقالوا: سمعنا وأطعنا، فمكثوا بذلك حولا فأنزل الله آية الفرج والراحة: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} .
قال الثعلبي: وهذا قول ابن مسعود وأبي هريرة وعائشة وابن عباس ومن التابعين وأتباعهم فسرد جماعة انتهى. وهذا من عيوب كتابه ومن تبعه عليه يجمعون الأقوال عن الثقات وغيرهم، ويسوقون القصة مساقا واحدا على لفظ من يُرمى بالكذب أو الضعف الشديد ويكون أصل القصة صحيحا2، والنكارة في ألفاظ زائدة، كما في هذه القصة من تسمية الذين ذكروا، وفي كثير من الألفاظ التي نقلت، والسياق في هذه بخصوصها إنما هو لبعضهم.
طريق أخرى عن ابن عباس تخالف جميع ما تقدم:
أخرج ابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله تعالى: {إِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} قال: ذاك سر عملك وعلانيته، يحاسبه الله به وليس من عبد مؤمن يسر في نفسه خيرا فيعمل به فإن عمل به كتبت له عشر حسنات وإن هو لم يعمل به كتبت له به حسنة من أجل أنه مؤمن، وإن كان أسر في نفسه سوءا وحدث به نفسه اطلع الله عليه وأخبره به يوم تبلى السرائر فإن هو لم يعمل لم يؤاخذه الله به وإن هو عمل به تجاوز الله عنه كما قال: {أُولَئِكَ الَّذِينَ