فإذا كان من أنفق وقاتل قبل الفتح أعظم درجة، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا هجرة بعد الفتح" فما ظنك بمن قاتل وأنفق قبل الهجرة، ومن لدن مبعث النبي - صلى الله عليه - إلى الهجرة أعظم من القيام بأمر الإسلام بعد الهجرة [و] أفضل من القيام بأمر الإسلام بعد الفتح.
فإن قالوا: قد عرفنا أن أبا بكر قد أنفق قبل الهجرة ولا نعرفه قاتل قبل الهجرة. فقتال علي بعد الهجرة أفضل من إنفاق أبي بكر قبل الهجرة.
قلنا: إن أبا بكر وإن لم يقاتل قبل الهجرة فقد قتل مرارا وإن لم يمت قبل الهجرة. ولأنه لو جمع جميع المكروه الذي لقي أبو بكر ثلاث عشرة سنة لكان أكثر من عشرين قتلة.
ولو كان في ذلك الزمان القتال ممكنا والوثوب مطمعا لقاتل أبو بكر ونهض كما نهض في الردة. وإنما قاتل علي في الزمان الذي [قد] أقرن [فيه] أهل الإسلام لأهل الشرك، فطمعوا أن تكون الحرب