بالسيف. ولم يذهبوا من قولهم إلى العدد بل عنوا الكثرة في القدر، لأن من أسلم على يده خمسة من الشورى، كلهم يفي بالخلافة، وهم أكفاء علي ومنازعوه الرياسة والإمامة. فقد أسلم على يده أكثر ممن أسلم بالسيف، لأن هؤلاء أكثر من جميع الناس.
فصل: وممن أسلم على يده بلال، وهو الذي يقول فيه عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "بلال سيدنا ومولى سيدنا". ورووا أنه قال: "أبو بكر سيدنا وأعتق سيدنا". وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "بلال سابق الحبش". وبلال مولى أبي بكر ثلاث مرات، أسلم على يده فأعتقه من رق الكفر، وأعتقه من رق العذاب حيث كان يفتن في الله ورسوله، وأعتقه من رق العبودية.
وكان من قصة بلال أنه كان عبدا لبني جمح، وكانت دار أبي بكر ومسجده في حي جمح، ولم يكن ببطن مكة مسجد سواه، فلما سمع دعاء أبي بكر أسلم وحده، فلما سمع أمية بن خلف فكان يخرجه إذا حميت الظهيرة فيطرحه على ظهره ببطحاء مكة، ثم يضع صخرة على صدره، ثم يحلف بإلهه لا ينزعها عن صدره أو يكفر بمحمد وإلهه ويؤمن باللات والعزى! وبلال يأبى وهو يقول: أحد أحد! وكان يمر به ورقة بن نوفل فيقول: نعم يا بلال، أحد أحد! فمر به أبو بكر وهو يريد داره في بني جمح. فرأى أمية وما يصنع بلال، فقال: ألا تتقي الله؟