ولا مكابر، لأن ذلك الحديث لو كان صحيحا لم يكن بأبين من القرآن ولا أوضح.
وقد يختلف الناس في تأويله ولا يكفرون ولا يكابرون، فكيف يكفر من غلط في تأويل حديث لو كان رده لم يكن عاصيا.
وإن كانت إمامة علي لا تثبت عندهم إلا من قبل الرواية، فقد أفلح خصم الرافضة واستراح من كد المنازعة.
وقد زعم ناس من العثمانية أن الله قد اختار للناس إماما، ونصب لهم قيما، على معنى الدلالة والإيضاح عنه بالعلامة، لا على النص والتسمية، لأن الله إذا قال: {وأشهدوا ذوي عدل منكم} - وقد عرفنا صفة العدالة - فمتى رأيناها في إنسان علمنا أنه الذي كان عنى الله بالآية وإن لم يسمه فيها. وكذلك قول الرسول: "ليؤمكم خياركم" فقد عرفنا الله الخيار من الشرار، والفضل من النقص، فمتى وجدنا الفضيلة في رجل فهو الذي عناه النبي - صلى الله عليه - وإن لم يذكره باسمه.
ولا يهمل الناس ويتركهم سدى من وضع لهم الأدلة ونبههم على موضع البرهان وعرفهم أبواب الصلاة.
ولو قلنا إن النبي - صلى الله عليه - قد اختار للناس إماما على معنى أنه إذ أمر أبا بكر بأن يتقدم المسلمين في مصلاه ومقامه ومنبره فقد استخلفه، جاز ذلك في الكلام. وباب الجواب في هذه المسائل كثير.