وكيف تحُجون بخبر لا تستطيعون أن تقيموا حجته على من خالفكم. فإن كنتم إنما حجكم سلفكم فحجوا أهل عصركم ومن معكم، كما حجكم من قبلكم من أسلافكم.
وقد نفضنا القرآن من أوله إلى آخره فلم نجد فيه آية تنص على إمامة، ولا أنها إذ لم تنص كانت دالة عند النظر والتفكير، ولا أنها إذ لم تدل بالنظر والتفكير وكان ظاهر لفظها غير ذلك على ما قلتم كان أصحاب التأويل والتفسير مطبقين على أن الله أراد بها إمامة فلان.
فهذا باب لا تقدرون من قبله على حجة. وليس لكم في باب الخبر والإجماع متعلق ولا سبب، مع قول الأنصار: منا أمير ومنكم أمير. وقول المهاجرين: بل منا الأمراء ومنكم الوزراء.
ثم وجدنا أبا بكر وهو متكلم قريش وصاحب أمر المهاجرين، والمنازع عنهم يوم السقيفة، يقول للناس بعد سكون الأنصار وارتداعهم: بايعوا أي هذين شئتم - يعنى عمر وأبا عبيدة - فلم نجده ادعاها لنفسه، ولا أبى أن تكون لغيره. ولم يقل إنسان من الأنصار ولا من المهاجرين، ولا من أفناء الناس: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد كان جعلها لفلان وحض عليها له. ولا أنهم إذا لم يدعوا النص قال قائل إن النبي - صلى الله عليه - قد كان قال قولا يوم كذا وكذا يدل على أنها لفلان، ولم ينطق بذلك أحد بعد تلك الأيام كما لم ينطق أحد فيها.