"صبرا آل ياسر، فإن موعدكم الجنة! " فذكر عمار عند ذلك عياذ أبي بكر لبلال حين أعتقه من العذاب فيمن أعتق، فقال:
جزى الله خيرا عن بلال ودينه * عتيقا وأخزى فاكها وأبا جهل
وقال سعيد بن جبير: قلت لعبد الله بن عباس: أكان المشركون يبلغون من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه - من العذاب ما يعذرون به في ترك دينهم؟ قال: والله إن كانوا ليضربون أحدهم ويعطشونه حتى لا يقدر أن يستوى جالسا من الجهد، حتى إن كان أحدهم ليعطيهم الذي سألوه، من الفتنة، وحتى يقال له: اللات والعزى إلهك من دون الله؟ فيقول: نعم، وحتى إن الجعل ليمر بهم فيقال له: هذا إلهك؟ فيقول: نعم.
فلو كان علي بن أبي طالب قد ساوى أبا بكر في الإسلام لقد كان فضله أبو بكر بأن أعتق من المفدين المفتونين بمكة، وحتى [لو] لم يكن غير ذلك لكان لحاقه عسيرا، ولو كان ذلك يوما واحدا لكان عظيما، فكيف وكان بين ظهور النبي عليه السلام ودعائه إلى أن هاجر إلى المدينة ثلاث عشرة سنة، في كل ذلك أبو بكر وخباب وأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يتجرعون المرار وعلي وادع رافه، غير طالب ولا مطلوب. وليس أنه لم يكن في طباعه النجدة والشهامة، وفي غريزته الدفع والحماية،