لأنها قد تحجم [عن] دعوى الفتيا، ولا تتهافت فيها، [ولا] تتسكع فيما لا يعرف منها، ولا تستوحش من الكلام في [التعديل والتجوير، ولا تفرغ من الكلام في] الاختيار والطباع، ومجئ الأخبار وكل ما جرى سببه من دقيق الكلام وجليله في الله وفي غيره.
ولو برز عالم على جادة منهج وقارعة طريق، فنازع في النحو واحتج في العروض، وخاض في الفتيا، وذكر النجوم والحساب والطب والهندسة وأبواب الصناعات، لم يعرض له ولم يفاتحه إلا أهل هذه الطبقات.
ولو نطق بحرف في القدر حتى يذكر العلم والمشيئة والاستطاعة والتكليف، وهل خلق الله الكفر وقدره أو لم يخلقه ولم يقدره، لم يبق حمال أغثر ولا نطاف غث، ولا خامل غفل، ولا غبي كهام، ولا جاهل سفيه، إلا وقف عليه ولاحاه، وصوبه وخطاه، ثم لم يرض حتى يتولى من أرضاه، ويكفر من يخالف هواه. فإن جاراه محق، أو أغلظ له واعظ، واتفق أن يكون بحضرته أشكاله، استعوى أمثاله، فأشعلوها فتنة، وأضرموها نارا.