فإن قلنا: إن إظهار علي الرضا بالشورى دليل على طاعة عمر. قالوا: إنما ذلك للتقية.
فإن قيل: فلم رضي بعبد الرحمن مختارا وعبد الرحمن عنده من عدوه، وأدنى منازله أن يكون كان مخوفا عنده، وأدنى من ذلك أن يكون الغلط غير مأمون عليه.
قلنا: وهلا أظهر من الخلاف شيئا يسير إلينا، وهلا نطق بحرف واحد بقدر ما يتخذه الناس بعد حجة، ولم يكن بلغ أقصى خلافهم فيرى وعيدا أو إيقاعا.
فإن قلت: إن عليا قال لأسماء بنت عميس - وهي يومئذ امرأته - حين تفاخر ولدها من أبي بكر وجعفر وعلي عندها: اقضي بين ولدك. فقالت: ما رأيت شابا كان أطهر من جعفر، ولا رأيت شيخا كان أفضل من أبي بكر، وإن ثلاثة أنت أخسهم لفضلاء! فلم ينكر ولم يحتج، ولم يفرق ولم يتعجب، والكلام يؤثر والقضية تظهر.
قالوا: إن فضله أظهر في الناس من أن يحتاج إلى الاحتجاج، وإنما قالت ذلك مازحة، كما تمزح المرأة مع زوجها وتحرش به.
فإن قلت: إن عليا قد بايع أبا بكر وأعطاه صفقته طائعا غير مكره، والحكم السابق من الله ورسوله أن المدعى عليه إذا أقر ولم ينكر، ولم ير الوالي أثر جنون ولا إكراها، أن إقراره جائز عليه، فكذلك