والبعيد فرق، وليس لقرابته فضيلة على غيره، ولا ينفعه شئ إلا كما نفعت المعافى والغني في ظاهر أمرهما، وما يقع العيان عليه منهما، وهما في الغنى والمصلحة، والنظر والصنع، سواء.
وليس على هذا بنى القوم أمرهم في القرابة، لأنهم زعموا أن القرابة سبب للرياسة في الدين، ولو قالوا إنها سبب للقدر والنباهة في الدنيا كان ذلك وجها، كما ترى من فضل حال المنيع الرهط، الجميل الرواء، والمعافى في بدنه الكثير المال، على الذليل الرهط الذميم في روائه، المبتلى في بدنه، القليل ذات اليد، وهما في مغيب أمرهما. وفيما لا يقع العيان عليه من شأنهما، سواء في صنع الله وفضله وعائدته.
[وإنما] كان لنا أن نزعم أن القرابة تنفع في الدين والحسب فتكون سببا إلى الرياسة فيهما، أن لو كنا رأينا من عظم قدر القرابة ونبل من أجله نال الرياسة الكبرى بالحسب. فإذا رأينا النبي - صلى الله عليه - لم يستحق ذلك الموضع البائن العالي إلا بالفضل دون المركب كان من مت بقرابته أجدر ألا ينال الرياسة إلا بالفضل دون المركب، لأن النبي - صلى الله عليه - لو كان نال ذلك بالهاشمية كان هو ورجل من عرض بني هاشم سواء.
ولو كان ناله بعبد المطلب لكان ولد عبد المطلب لصلبه أقرب إليه.
وقد نعلم أن ذلك لو كان لشخص بالهاشمية أو بالمطلبية لكان لعلي في ذلك ما ليس لأحد، لأنه ابن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم، وأمه فاطمة ابنة أسد بن هاشم.