أو تسع، فقد قال إن إسلامه كان إسلام تلقين وإن لم يذكره ولم يتفوه به كما قلتم، حذو القذة بالقذة، والنعل بالنعل. فإذا ثبت أن إسلام علي إسلام تلقين في ذلك الدهر، فإسلام زيد وخباب أفضل من إسلامه. ولو أن عليا كان أيضا بالغا كان إسلام زيد وخباب أفضل من إسلامه، لأن إسلام المقتضب الذي لم يغذ به ولم يعوده ولم يمرن عليه أفضل من إسلام الناشئ الذي قد ربي فيه ونشأ عليه وحبب إليه، لأن خبابا وزيدا يعانيان من الفكر ويتخلصان إلى أمور، وصاحب التربية يبلغ حين يبلغ وقد أسقط إلفه عنه مؤونة الروية، والخطار بالجهالة، وقد أورثه الألف السكون، وكفاه اختلاج الشك واضطراب النفس وجولان القلب.
فصل: ولو كان علي أيضا بالغا وكان مقتضبا كزيد وخباب لم يكن إسلامه ليبلغ قدر إسلامهما، لأن إسلام التربية يكفي مؤونتين: إحداهما الخطار والتغرير، والأخرى شدة فراق الألف ومكابدة العادة ونزاع الطبيعة، مع أن من كان بحضرة الأعلام وفي منزل الوحي وفي رحال الرسل فالأعلام له أشد انكشافا، والخواطر على قلبه أقل اعتلاجا. وعلى قدر الكلفة في دفع الشبهة والإقرار بخلاف الألف والعادة، والمخاطرة باعتقاد الجهالة، يعظم الفضل، ويكثر الأجر.